لقد عمل رب المجد الفصح يوم الخميس 13 نيسان وكان هذا قبل موعد الفصح العام بيوم كامل وذلك لأنه حسب الواقع لم يكن لهذا العام فصح لأنه الحقيقي هو يسوعذاته الذي سيعلق على خشبة الصليب في ذات الميعاد والذي يذبح فيه خروف الفصح.
لقد تكرر الرمز مدة 1500 سنة منذ أيام موسى ولقد كان خروف الفصح باستمرار يرمز إلى حمل الله الذي بلا عيب فتمم ربنا الرمز يوم خميس العهد بتقديمه حمل الفصح ثم كان هو المرموز إليه فقدم ذاته على خشبة الصليب يوم الجمعة العظيمة وهو حمل الله الذي يرفع خطية العالم (يو 1: 29)..!! وهناك أدله كثيرة تثبت أنه يوم الخميس لم يكن يوم الفصح أو يوم الفطير (أنظر كتاب أسرار الكنيسة: حبيب جرجس، كتاب منارة الأقداس، الجزء الثاني) ونكتفي هنا بهذه الآية القاطعة للقديس يوحنا الإنجيلي إذ قال في هذا الصدد (وكان استعداد الفصح ونحو الساعة السادسة فقال (بيلاطس) لليهود هوذا ملككم.. فصرخوا خذه خذه أطلبه) (يو 19: 14، 15) ومن هذا أن يوم الجمعة الذي صلب فيه يسوع كان يوم استعداد الفصح وأن الفصح كان في مساء هذا اليوم وهو يوافق 14 نيسان وكان يوم السبت هو أول أيام الفصح.
وفي مساء يوم الخميس أتى يسوع إلى أورشليم إلى بيت مريم أم مرقس حيث عمل الفصح لكي يتمم العتيقة ثم يبدأ الجديدة وقال في هذا القديس يعقوب السروجي. (تعال إلى هنا يا موسى. وأنظر حمل اللاهوت ماسكا وآكلا خروف الفصح مع تلاميذه. تعال يا مصدر الأسرار العظيمة وأنظر صورك التي تممها ابن الله الذي ملئته. وشرعوا يسلكون الطريق الجديدة المملوءة نورا. لم يدع جسد الخروف جسدا ولكن فصحا واسم جسد حفظه موسى النبي وعملها ليعلم العالم أنه سيد موسى العظيم).
وكان من عوائد اليهود أن يأكلوا الخروف جماعات بحيث لا تقل عن 10 أشخاص ولا تتجاوز 16 شخصًا وكانوا يرشون من دم الخروف على قائمتيّ الباب والعتبة العليا وكانوا يرشونه على أعشاب مرة ولا يكسرون عظامه، ولا يبقون منه شيئا للصباح.
وكان لليهود عادة أن يشربوا في هذا العشاء أربع كؤوس من الخمر الممزوج بقليل من الماء. فيشربون الكأس الأولى التي يسمونها كأس المرارة إشارة إلى أيام العبودية، كان رئيس الجماعة يقول: مبارك الذي أبدع ثمر الكرمة (وفي الغالب أن هذه الكأس هي التي ذكرها القديس لوقا الإنجيلي) (لو 22: 17) وكانت قبل تقديس الخبز، أما كأس دم المسيح فذكرها في (لو 22: 20).. وبعدها كانوا يغتسلون إشارة إلى عبورهم مياه البحر الأحمر ثم يرجعون إلى المائدة ليأكلوا مما عليها من أعشاب مرة فطير الخروف المشوي ونقيع من البلح واللوز والتين والزبيب والخل والقرفة وغيرها. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). فيأخذ رئيس الجماعة جزءا من الإعشاب وليمة من المرق ويأكله ويشكر الله الذي أبدع خيرات الأرض فيجاوبه المنكئون قائلين: آمين. ثم يتقدم ولد ليسأل أباه عن سبب حفظ هذا الطقس فيجيبه عن حادثة ذبح الخروف وعبور الملاك المهلك وخروجهم من أرض مصر (خر 13: 14) ثم يسبحون من مزمور 113 و114 ثم يشربون الكأس الثانية ويسمونها كأس الفرح ويأخذ رئيس المتكأ الفطير ويكسره ويوزعه على المتكئين فيغمسونه مع الأعشاب في المرق ويأكلون خروف الفصح. ثم يرفعون الشكر لله ثم يشربون الكأس الثالثة وتسمى كأس البركة ثم يسبحون (ليس لنا يا رب ليس لنا لكن لاسمك أعط بركة (مجدًا) (مز 115: 1) ثم يشربون الكأس الرابعة ويختمون الاحتفال وأحيانًا كانوا يشربون كأسًا خامسًا بعد ترنيمة التسبحة العظيمة من مزمور 120 إلىمزمور 136.
ولقد حدثت أثناء العشاء مناقشة بين التلاميذ من هو الأعظم فيهم فوبخهم رب المجد على هذه الأفكار الباطلة وقال لهم (أما أنتم فليس هكذا بل الكبير فيكم فليكن كالأصغر والمتقدم كالخادم) (لو 22: 26) وقام له المجد وغسل أرجلهم ليعلمهم معنى التواضع.
ثم عاد له المجد إلى المائدة واخذ خبزًا وشكر وبارك وأعطى التلاميذ قائلًا (خذوا كلوا هذا هو جسدي) (مت 26: 26) ثم آخذ الكأس وشكر وبارك وقدس وذاق وأعطاهم قائلًا (اشربوا منها كلكم لان هذا هو دمى الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا) (مت 26: 27، 28). (ثم أخبرهم وهو مضطرب بالروح وقال لهم أن واحد منكم سيلمني) (يو 13: 21) ثم قال ليهوذا (الذي دخله الشيطان) (ما أنت تعلمه فأعمله بأكثر سرعة) (يو 13: 27). فذهب يهوذا إلى اليهود ليرشدهم عن يسوع ليقبضوا عليه وليسلموه للموت. وبعد العشاء سبحوا وخرجوا إلى جبل الزيتون (مر 14: 26) إلى عبر وادي قد رون وهو وادي يهو شافاط. ويقع هذا الوادي بين أورشليم وجبل الوادي منحدرًا إلى مارسابا حيث يسمح وادي الراهب ثم يمتد إلى بحر لوط حيث يسمى وادي النار.
وقديما عبر هذا الوادي داود النبي هاربًا من وجه أبنه أبشالوم، كما عبر فيه رب المجد ذاهبا إلى جثسيماني حيث كان بستان جثسيماني... وفي هذا البستان انتحى رب المجد ناحية وترك تلاميذه وآخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنا وابتدأ يدهش ويكتئب وقال: (نفسي حزينة جدا حتى الموت. وقال لهم امكثوا هنا واسهروا) (مر 14: 34) ثم تقدم قليلا نحو رمية حجر وخر على ركبتيه وصلى وقال أيها الآب إن شئت أن فأجز عنى هذه الكأس. وقد بقى يصلى هكذا نحو ساعة ثم عاد إلى الثلاثة فوجدهم نياما من فرط الحزن فقال لهم أهكذا لم تقدروا أن تسهروا معي ساعة واحدة؟! اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة. أما الروح فنشيط أما الجسد فضعيف. ثم تركهم وعاد إلى حيث كان يصلى وصلى ثانية ذلك الكلام بعينه ثم عاد فوجدهم أيضا نياما، ولكن هذه المرة لم يعاتبهم، فخجلوا من أنفسهم وتركهم أيضا ومضى يصلى ثالثة نفس الكلام ولكن زادت عليه الأحزان أحزانه بسبب خطايا البشر ولا غرابة فقد حمل أحزاننا وتحمل أوجاعنا وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا (إش 53: 4) وكان له المجد يطيل الصلاة في هذا الوقت العصيب حتى حل به الإجهاد ما يقارب الموت وكان عرقه ينزل كقطرات الدم على الأرض وهذا سبب قوله أن شئت أن تعبر عنى هذه الكأس. وليس المقصود بها كأس الطيب بل كأس هذا الموقف المميت. حينئذ تراءى له ملاك من السماء يشدده لا لأنه له المجد كان في حاجة إلى ذلك بل ليدلل على أنه أخذ كل ما لنا ما خلا الخطية وحدها وليعبر عن مقدار آلامه. ثم عاد إلى تلاميذه وقال لهم ناموا الآن واستريحوا. قال هذا لا على سبيل التوبيخ بل بعاطفة الحنو والشفقة على تلاميذه الذين شملهم الأعباء والحزن لما رأوه وما أحسوا به من آلام وأحزان رب المجد.
معنى كلمة عهد: ميثاق، وصية، وفاء.. دعى هذا اليوم بهذا الاسم إذ فيه أعطانا مخلصنا يسوع المسيح عهدًا جديدًا فمنحنا جسده ودمه عربونًا أبديًا (مت 26: 26-28)... في ذلك تحتفل الكنيسة بتذكار استلامها ذبيحة العهد الجديد.. وهذا اليوم ضمن أسبوع الآلام الذي يمتاز بطقسه الرائع الذي يخترق النفس والروح بألحانه المؤثرةوروحانيتها.. فلهذا يصلى قداس خميس العهد بطقس خاص لارتباطه بأسبوع الآلام.
طقس العيد:
أ- باكر: يوم الخميس الكبير من البصخة المقدسة:
النبوات: خر 17: 8 - 16، أش 58: 1 - 11، خر 18: 20 - 32.. ثم ثوك تى تى جوم.. ثم يرفع بخور باكر ثم يرتلون بالناقوس (تنى أو أوشت) وارحمني يا الله. ثمأوشية المرض. ثم القرابين فلنسبح. الذكصولوجيات (العذراء والملائكة والرسل والشهداء والقديسين). ويطوف الكاهن البيعة بالبخور دون تقبيل. وبعد الذكصولوجيات يقال قانون الإيمان إلى (تجسد وتأنس) ثم (نعم نؤمن بالروح القدس)... ثم يرفع الكاهن الصليب ويصلى وبعدها: (أف اسمارؤوت) و(فاى اتاف انف) ثم يقرأ الكاهن هذه القطعة تبكيتا ليهوذا (يوداس 6 أوبارانوموس.. يا يهوذا 6 الصلبوت (الأولى: آواك بارثينوس... الثانية والثالثة: (أو اسطافروتيس..) ثم أوشية الإنجيل ثم يطرحالمزمور باللحن الادريبى وهو (مز 55: 21، 22) الإنجيل (لو 22: 7 - 13) وبعده العظة فالطرح ثم الطلبة فالميمر وتكمل الصلاة كالعادة وتختم بالبركة.
· ملحوظة 1: هذه الصلاة بدأت بفتح باب الخدمة والهيكل..
· ملحوظة 2: الساعات الثالثة والسادسة والتاسعة تعمل مثل نظام البصخة العادي وفي مكانها بالخورس الثالث.
ب- قداس اللقان:
بعد الانتهاء من الطروحات (التي يمكن أن تجمع لتقرأ دفعة واحدة) ينظف اللقان جيدا ويملأ بماء عذب ويوضع بجانبه طاس يرسم غسل الأرجل.. وفي أثناء ذلك يرتدى رئيس الكهنة وكذلك الكهنة ملابسهم الكهنوتية.. وعند نهاية الطلبة يتوجه الكهنة والشمامسة والمرتلون بأيدهم الشموع ويحضرون الأب البطريرك إلى موضع اللقان مرتلين (اك اسمارؤوت) أو الأب المطران أو الأسقف... وإذا لم يكن فليبدأ الكاهن كالآتي: اليسون ايماس.. صلاة الشكر.. البخور.. يقول المرتلون (نين أو أوشت أم آفيون)... بعد (ذكصاصى آوثيئوس ايمون): تك 18: 1 - 23، أم 89: 1، 11، أش 4: 74، 1-4، أش 55: 1 - 56، خر 36: 25-38، 47: 1-9، ثم عظة لأبينا القديس أنبا شنودة رئيس المتوحدين... ثم يقول الشعب (تين أو أوشت أمموك أوبى أخرستوس جي أف أشك) ثم يرفع الكاهن البخور ويقول سر البولس ثم يقرأ البولس (1 تى 4: 9 - 5: 1), ثم الثلاث تقديسات (الأولى: أوبارثينوس، الثانية والثالثة: أو استافروتيس ديماس) ثم أوشية الإنجيل ويطرح المزمور سنوي ويقرأ الإنجيل (مز 51: 7 - 10، يو 13: 1 - 17) ثم (افنوتى ناى نان..) ثم كيريا ليسون 12 دفعة الكبير) ثم مرد الإنجيل وهو (ايسوس بي اخرستوس انساف نيم فواد..) ثم هذه الأواشي:
(1) المرضى (2) المسافرين (3) أهوية السماء (4) أوشية رئي أرضنا (5) أوشية الراقدين (6) القرابين (7) الموعوظين.
... ثم يصلى طلبة وفي آخر كل فقرة يجاوبه الشعب (كيريا ليسون يا رب ارحم) ثم يرفع الكاهن الصليب بالشموع ويطرح الشعب مع الشمامسة بصوت واحد قائلين (كيرياليسون) 100 مرة دمجا... ثم يصلى الكاهن الثلاث أواشي الكبار وهى (السلامة والاباء والاجتماعات) ثم قانون الإيمان لغاية (ومن مريم العذراء تأنس) ثم يقول (نعم نؤمن بالروح القدس...) ثم يقول المرتلون هذا الاسبسمس (نبن يوتى ان ابوسطولوس..) أو (راشى أووه بثليل) ثم يقول الشماس (ابروس فيرين كاتا اتروبين... تقدموا على الرسم) فيرد الشعب (اليثوس أرينيس.. رحمة للسلام) يصلى الكاهن محبة الله الآب.. ويرشم الماء بالصليب أول رشم ويرد الشعب (مع روحك) ثم يرشم الماء ثانية ويقول: ارفعوا.. وهى عند الرب.. ثم يرشم الماء ثم ثلاث فلنشكر الرب مستحق وعادل ثم يكمل.. ويرد الشعب الشاروبيم... ثم يصلى الكاهن اجيوس ثلاث مرات وفي كل مرة يرشم الماء. ثم يتابع الصلاة (قدوس قدوس..) إلى أن يصلى إلى جملة (وكما باركت ذاك الزمان الآن أيضًا بارك) فيرشم الكاهن الماء بالصليب.. ويرد عليه الشعب عند الانتهاء من كل رشم قائلين (آمين) وفي آخرها.. أبانا الذي في السموات.. ويصلى الكاهن التحليل الأول والثاني.. ويقول الشماس خلصت حقا ومع روحك.. يرشم الكاهن ماء اللقان ثلاث مرات قائلا: مبارك الرب.. يجاوبه الشعب واحد هو الآب القدوس) ثم إن الكاهن الشريك يبل الشملة من ماء اللقان ويغسل أرجلالكاهن الخديم (أو رئيس الكهنة) وينشفها بشملة أخرى وبعدها يأخذ الخديم (الرئيس) الشملة من الكاهن ويبلها ويغسل وينشف أرجل الكهنة أولًا ثم الشمامسة ثم الشعب واحدا واحدا بيده من ماء اللقان ليمسحوا وجوههم وأيديهم وفي هذه الأثناء يرتل الشمامسة المزمور المائة والحادي والخمسون (سبحوا الله..) الطريقة السنوية وهناك صلاة شكر بعد اللقان.
ج- القداس الإلهي:
يقدم الحمل دون قراءة المزامير ذلك لان المزامير مليئة بالنبوات عن المخلص من ميلاده إلى صعوده. ولكن الموقف موقف تذكار آلامه فقط فاكتفت الكنيسة بقراءة ما يخص الآلام في ساعات البصخة.. ولا تقال (الليلويا فاى بي بى..) فبعد اختيار الحمل، الرشومات ثم التحليل ثم (تين أو أوشت امموك اوبي اخرستوس) ويقرا البولس(سنوي) (1 كو 11: 23 - 24) ويطوف الكاهن بالبخور بدون تقبيل.. ولا يقرا الكاثوليكون ولا الابركسيس وذلك لان يسوع لم يكن قد أمر تلاميذه بعد الكرازة للخليقة كلها إنما كان هذا الأمر بعد قيامته (مت 28: 19، مز 16: 15) لان الرسل لم تبدأ كرازتهم بعد وأعمالهم وجهادهم إلا بعد قيامته وصعوده.. وتقال الثلاثة تقديسات دمجا ثم يقول الكاهن أوشية الإنجيل ثم يقرأ المزمور (باللحن السنجارى ويكمل سنويا أو يقال كله سنويا) ثم مرد الإنجيل (بى سومانين بي أسنوف) ولا يقال الصلح فيالقداس لان المصالحة قد تمت بقيامة الرب ناقضًا أوجاع الموت (أع 2: 24) ولهذا السبب نفسه لا يليق الصلح يوم الفرح لان يسوع كان في القبر... بل يقول الشعب بعدقانون الإيمان لحنا على نفس نغمة الاسبسمس معناه السلام، والسلام لم يكن قد تم بعد ولأنه يحوى كلمات الفرح والبشرى بميلاد المخلص وها نحن نحتفل بذكره آلامه وموته. وما يقال مكانه هو (بي أويك انتي أب اونخ..) ثم هيتين ني ابرسفيا..) إلى المجمع الذي لا يقال لأنه يحوى أسماء القديسين والشهداء الذين اخذوا قداستهم بانتسابهم إلى يسوع ولم يكن جهادكم قد بدأ بعد. ولا يصلى الترحيم بل يبدأ من قوله (هينانيم خين فاي.. لكي وبهذا..) ولا يعمل في هذا اليوم ترحيم لأنه عيد سيدي.. وذكرت القوانين (الدسقوليه) أن يكون التناول يوم الخميس في الساعة التاسعة أو بعد الغروب حتى لا تشترك مع اليهود في فصحهم ولأنه صنع هذا السر مساءا.. ويصلى المزمور 150 عند التناول.
وبعد التناول يقول الكاهن البركة بدون وضع يده الماء المقدس أو رش الماء كما جرت العادة ويصرف الشعب بسلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق